Thursday, 11 December 2014

الناسخ والمنسوخ

الناسخ والمنسوخ

تعريف النسخ وشروطه
تعريف النسخ
          لغة:  - يُطلق بمعنى الإزالة, منه يقال: نسخت الشمس الظل: أزالته, ونسخت الريح أثر المشى
-       ويُطلق بمعنى نقل الشيء من موضع إلى موضع, ومنه نسختُ الكتاب: إذا نقلت ما فيه,
وفي القرآن: (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٢٩﴾) الجاثية: 29 والمراد به نقل الأعمال إلى الصحف.
       
   اصطلاحا: رفع الحكم الشرعي بخطاب شرعي – فخرج بالحكم رفع البراءة الأصلية, وخرج بقولنا: ((بخطاب شرعي)) رفع الحكم بموت أو جنون أو إجماع أو قياس.

          ويُطلق الناسخ على الله تعالى كقوله: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ ) وعلى الآية وما يُعرف به النسخ, فيقال: هذا الآية ناسخة لآية كذا, وعلى الحكم الناسخ لحكم آخر.

ما يشترط في النسخ:

       i.            أن يكون الحكم المنسوخ شرعيًا
    ii.            أن يكون الدليل على ارتفاع الحكم خطابا شرعيا متراخيا عن الخطاب المنسوخ حكمه
  iii.            وألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيّدًا بوقت معين


ما يقع فيه النسخ وما لا يقع فيه

ما يقع فيه النسخ

-لا يكون إلا في الأوامر والنواهي (صريح كان أو بلفظ الخبر الذي بمعنى الأمر أو النهى)

ما لا يقع فيه النسخ

-في العقيدة وأصول العبادات والمعاملات وفي القصاص, والجهاد, والأخلاق, وأيضا في الوعد والوعيد


طريقة معرفة النسخ وأهميته

طريقة معرفة النسخ والمنسوخ:

1.    النقل الصريح عن النبي (ص) أو عن الصحابة
مثل: حديث ”كنت نهيتكم عن زيارت القبور ألا فزوروها“-رواه الحاكم

2.    إجماع الأمة على أن هذا ناسخ وهذا منسوخ

3.    معرفة المتقدم من المتأخر في التاريخ

*لا يُعتمد على الاجتهاد, أو قول المفسرين, أو التعارض بين الأدلة ظاهرا, أو تأخر إسلام أحد الراويين


     أهمية معرفة الناسخ والمنسوخ كبيرة خاصة عند أهل العلم من الفقهاء والأصوليين والمفسرين حتى لا تختلط الأحكام. لذلك ورد آثار كبيرة في الحث على معرفته, فقد رُوى أن عليا رضي الله عنه مرّ على قاض فقال له: ”أتعرف الناسخ من المنسوخ؟“ قال: ”لا“. فقال: ”هلكت وأهلكت“.


الآراء في النسخ

1.    اليهود
-       ينكرون النسخ لأنه يستلزم في زعمهم البداء, أي الظهور بعد الخفاء
2.    الروافض
-       غالوا في إثبات النسخ وتوسعوا فيه، وأجازوا البداء على الله تعالى, واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت..) الرعد:39 على معنى أنه يظهر له المحو والإثبات.
3.    أبو مسلم  الأصفهاني
-       يجوّز النسخ عقلا ويمنع وقوعه شرعا في القرآن، ويستدل بالآية: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد) فصلت:42 على معنى أن أحكامه لا تبطل أبدا.
4.    جمهور العلماء
-       جواز النسخ عقلا ووقوعه شرعا لأدلة:
-       1. لأن أفعال الله لا تعلل بالاغراض.
-       2. لأن نصوص الكتاب والسنة دالة على جواز النسخ ووقوعه
-((مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) البقرة: 106
-((وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ ۙ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)) النحل:101
-عن ابن عباس قال: قال عمر رضي الله عنه: أقرؤنا أبي، وإنا لندع من قول أبي، وذاك أن أبيا يقول: لا أدع شيئا سمعته من رسول الله، وقد قال الله: (ما ننسخ من آية ..)



أقسام النسخ وأنواعه

أقسام النسخ:

القسم الأول: نسخ القرآن بالقرآن

مثل: نُسخت آية الاعتداد بالحول بآية الاعتداد بأربعة أشهر وعشرا

قول الله تعالى:(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) سورة البقرة:240
نُسخ بقوله تعالى:(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) سورة البقرة: 234

القسم الثاني: نسخ القرآن بالسنة

تحت هذا نوعان:

(أ) نسخ القرآن بالسنة الآحادية
-الجمهور عدم جوازه

(ب) نسخ القرآن بالسُّنَّة المتواترة
          - قد أجازه مالك وأبو حنيفة وأحمد في رواية
          - لأن الكل وحى والنسخ نوع من البيان
          لقوله تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ 3 إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ4)
وقوله:( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ44)
- ومنعه الشافعي وأهل الظاهر وأحمد في الرواية الأخرى, لقوله تعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ106)

القسم الثالث: نسخ السنة بالقرآن (يجوزه الجمهور)

          مثل: التوجه إلى بيت المقدس كان ثابتا بالسنة, وقد نُسخ بالقرآن في قوله: ((قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)) البقرة: 144

القسم الرابع: نسخ السنة بالسنة

          وتحت هذا أربعة أنواع:

1-              نسخ متواترة بمتواترة
2-              نسخ آحاد بآحاد
3-              نسخ آحاد بمتواترة
4-              نسخ متواترة بآحاد  

الثلاثة الأولى جائزة- أما النوع الرابع ففيه الخلاف الوارد في نسخ القرآن بالسنة الآحادية, والجمهور على عدم جوازه. أما نسخ كل من الإجماع والقياس والنسخ بهما فالصحيح عدم جوازه.


أنواع النسخ:

النوع الأول: نسخ التلاوة والحكم معا

          مثل: في الرضاع

          عن عائشة قالت: "كان فيما أنْزِلَ: عشر رضاعات معلومات يُحَرِّمن, فنسخن بخمس معلومات, فتوفى رسول الله وهن مما يُقرأ من القرآن"-رواه مسلم وغيره. فإنه غير موجودة في المصحف العثماني.

النوع الثاني: نسخ الحكم وبقاء التلاوة

          مثل: نسخ حكم آية العدة بالحول مع بقاء التلاوة

           وقد يقال: ما الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة ؟

          والجواب من وجهين:

أحدهما: أن القرآن كما يُتلى ليُعرف الحكم منه, والعمل به, فإنه يُتلى كذلك لكونه كلام الله تعالى فيُثاب عليه, فتُركت التلاوة لهذا الحكمة.

وثانياهما: أن النسخ غالبا يكون للتخفيف, فأبقيت التلاوة تذكيرا بالنعمة في رفع المشقة.
وأما حكمة النسخ قبل العمل, فيُثاب على الإيمان به, وعلى نية طاعة الأمر.  

النوع الثالث: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم

          مثل: آية الرجم : (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله, والله عزيز حكيم).


حكمة النسخ

1.    مراعاة مصالح العباد
2.    تطور التشريع إلى مرتبة الكمال حسب تطور الدعوة حال الناس
3.    ابتلاء المكلف واختباره بالأمثال وعدمه
4.    إرادة الخير للأمة والتيسير عليها


0 comments:

Post a Comment